ومن فوائد القاسمى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ﴾
بعبادة الله وحده، وأن لا يشركوا به شيئاً، وحفظ شرعة عيسى عليه السلام. وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم -دون أن يقال ( ومن النصارى ) -إيذاناً بأنهم في قولهم :﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّه ﴾ [ آل عِمْرَان : ٥٢ ]. بمعزلٍ من الصدق. وإنما هو تقولٌ محض منهم. وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء. أو إظهاراً لكمال سوء صنيعهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم. فإن ادعاءهم لنصرته تعالى يستدعي ثباتهم على طاعته تعالى ومراعاة ميثاقه. أفاده أبو السعود. قال الناصر في " الانتصاف " : وبقيت نكتة في تخصيص هذا الموضع بإسناد النصرانية إلى دعواهم. ولم يتفق ذلك في غيره. ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [ المائدة : ١٨ ]. فالوجه في ذلك -والله أعلم -أنه لما كان المقصود في هذه الآية ذمّهم بنقض الميثاق المأخوذ عليهم في نصرة الله تعالى، نَاسَبَ ذلك أن يصدر الكلام بما يدل على أنهم لم ينصروا الله ولم يفوا بما واثقوا عليه من النصرة. وما كان حاصل أمرهم إلا التفوه بدعوى النصرة وقولها دون فعلها. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon