الثالث : النور/ والكتاب هو القرآن، وهذا ضعيف لأن العطف يوجب المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه وتسمية محمد والإسلام والقرآن بالنور ظاهرة، لأن النور الظاهر هو الذي يتقوى به البصر على إدراك الأشياء الظاهرة، والنور الباطن أيضاً هو الذي تتقوى به البصيرة على إدراك الحقائق والمعقولات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَا أَهْلَ الكتاب ﴾ الكتاب اسم جنس بمعنى الكتب ؛ فجميعهم مخاطبون.
﴿ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكتاب ﴾ أي من كتبكم ؛ من الإيمان به، ومن آية الرجم، ومن قصة أصحاب السبت الذين مُسخوا قِردة ؛ فإنهم كانوا يخفونها.
﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ أي يتركه ولا يبينه، وإنما يبين ما فيه حجة على نبوتهِ، ودلالة على صدقه وشهادة برسالته، ويترك ما لم يكن به حاجة إلى تبيينه.
وقيل :﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ يعني يتجاوز عن كثير فلا يخبركم به.
وذكر أن رجلاً من أحبارهم جاء إلى النبيّ ﷺ فسأله فقال : يا هذا عفوت عنا؟ فأعرض عنه رسول الله ﷺ ولم يبين ؛ وإنما أراد اليهوديّ أن يظهر مناقضة كلامه، فلما لم يبيِّن له رسول الله ﷺ قام من عنده فذهب وقال لأصحابه : أرى أنه صادق فيما يقول لأنه كان وجد في كتابه أنه لا يبيِّن له ما سأله عنه.
﴿ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ الله نُورٌ ﴾ أي ضياء ؛ قيل : الإسلام.
وقيل : محمد عليه السلام ؛ عن الزجاج.
﴿ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾ أي القرآن ؛ فإنه يبين الأحكام، وقد تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾