ثم قال :﴿وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ الظلمات إِلَى النور بِإِذْنِهِ﴾ أي من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وذلك أن الكفر يتحير فيه صاحبه كما يتحير في الظلام، ويهتدي بالإيمان إلى طرق الجنة كما يهتدي بالنور، وقوله ﴿بِإِذْنِهِ﴾ أي بتوفيقه، والباء تتعلق بالاتباع أي اتبع رضوانه بإذنه، ولا يجوز أن تتعلق بالهداية ولا بالإخراج لأنه لا معنى له، فدل ذلك على أنه لا يتبع رضوان الله إلاّ من أراد الله منه ذلك.
وقوله تعالى :﴿وَيَهْدِيهِمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ وهو الدين الحق، لأن الحق واحد لذاته، ومتفق من جميع جهاته، وأما الباطل ففيه كثرة، وكلها معوجة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥١﴾
وقال الآلوسى :
﴿ يَهْدِى بِهِ الله ﴾ توحيد الضمير لاتحاد المرجع بالذات، أو لكونهما في حكم الواحد، أو لكون المراد يهدي بما ذكر، وتقديم المجرور للاهتمام نظراً إلى المقام وإظهار الاسم الجليل لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية، ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب، أو النصب على الحالية منه لتخصيصه بالصفة.
جوز أبو البقاء أن تكون حالاً من ﴿ رَسُولِنَا ﴾ بدلاً من ﴿ يُبِينُ ﴾ [ المائدة : ١٥ ] وأن تكون حالاً من الضمير في ﴿ يُبِينُ ﴾، وأن تكون حالاً من الضمير في ﴿ مُّبِينٌ ﴾، وأن تكون صفة لنور ﴿ مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ ﴾ أي من علم الله تعالى أنه يريد اتباع رضا الله تعالى بالإيمان به، و﴿ مِنْ ﴾ موصولة أو موصوفة ﴿ سُبُلَ السلام ﴾ أي طرق السلامة من كل مخافة قاله الزجاج فالسلام مصدر بمعنى السلامة.
وعن الحسن والسدي أنه اسمه تعالى، ووضع المظهر موضع المضمر رداً على اليهود والنصارى الواصفين له سبحانه بالنقائص تعالى عما يقولون علواً كبيراً، والمراد حينئذٍ بسبله تعالى شرائعه سبحانه التي شرعها لعباده عز وجل، ونصبها قيل : على أنها مفعول ثان ليهدي على إسقاط حرف الجر نحو ﴿ واختار موسى قَوْمَهُ ﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ].