والثاني : بين فرق النصارى، فإن بعضهم يكفر بعضاً إلى يوم القيامة، ونظيره قوله ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ [ الأنعام : ٦٥ ] وقوله ﴿وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ الله بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ وعيد لهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٠﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى ﴾ وذلك أن الله تعالى لما ذكر حال اليهود ونقضهم الميثاق، فقال على أثر ذلك إن النصارى لم يكونوا أحسن معاملة من اليهود، ثم بيّن معاملتهم فقال :﴿ وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى ﴾ ﴿ أَخَذْنَا ميثاقهم ﴾ في الإنجيل، بأن يتبعوا قول محمد ﷺ ﴿ فَنَسُواْ حَظّاً مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ ﴾ يعني تركوا نصيباً مما أمروا به في الإنجيل من اتباع قول محمد ﷺ، ويقال : نقضوا العهد كما نقض اليهود، ويقال إنما سموا أنفسهم النصارى لأنهم نزلوا قرية يقال لها "ناصرة"، نزل فيها عيسى عليه السلام فنزلوا هناك وتواثقوا بينهم، ويقال : إنما سموا النصارى لقول عيسى :﴿ فَلَمَّآ أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ الكفر قَالَ مَنْ أنصارى إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله ءَامَنَّا بالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران : ٥٢ ].
ثم قال :﴿ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة ﴾ يعني ألقينا بينهم العداوة ﴿ والبغضاء ﴾ ويقال : الإغراء في أصل اللغة الإلصاق، يقال : أغريت الرجل إغراءً إذا ألصقت به.