قوله تعالى :﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الذين قآلوا إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ ﴾ تقدّم في آخر "النساء" بيانه والقول فيه.
وكفر النصارى في دلالة هذا الكلام إنما كان بقولهم : إن الله هو المسيح ابن مريم على جهة الدينونة به ؛ لأنهم لو قالوه على جهة الحكاية منكرين له لم يكفروا.
﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً ﴾ أي من أمر الله.
و"يَمْلِكُ" بمعنى يقدِر ؛ من قولهم ملكت على فلان أمره أي اقتدرت عليه.
أي فمن يقدِر أن يمنع من ذلك شيئاً؟ فأعلم الله تعالى أن المسيح لو كان إلهاً لقدر على دفع ما ينزل به أو بغيره، وقد أمات أُمه ولم يتمكن من دفع الموت عنها ؛ فلو أهلكه هو أيضاً فمن يدفعه عن ذلك أو يرده. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال البيضاوى :
﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ ﴾ هم الذين قالوا بالاتحاد منهم، وقيل لم يصرح به أحد منهم ولكن لما زعموا أن فيه لاهوتاً وقالوا لا إله إلا الله واحد لزمهم أن يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم توضيحاً لجهلهم وتفضيحاً لمعتقدهم. ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً ﴾ فمن يمنع من قدرته وإرادته شيئاً. ﴿ إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المسيح ﴾ عيسى. ﴿ ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ﴾ احتج بذلك على فساد عقولهم وتقريره : أن المسيح مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات ومن كان كذلك فهو بمعزل عن الألوهية. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ٣٠٧﴾