والحاصل أنّ استعمال هذا الشرط من غرائب استعمال الشروط في العربية، ومرجعه إلى استعمال صيغة الشرط في معنى حقيقي ومعنى مجازي تغليباً للمعنى الحقيقي، لأنّ ﴿ مَنْ في الأرض ﴾ يعمّ الجميع وهو الأكثر.
ولم يعطه المفسّرون حقّه من البيان.
وقد هلكت مريم أمّ المسيح عليهما السلام في زمن غير مضبوط بعد رفع المسيح. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَللَّهِ مُلْكُ السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَللَّهِ مُلْكُ السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ إنما قال ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ بعد ذكر السموات والأرض، ولم يقل : بينهن لأنه ذهب بذلك مذهب الصنفين والنوعين.
ثم قال :﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاء والله على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ﴾ وفيه وجهان : الأول : يعني يخلق ما يشاء، فتارة يخلق الإنسان من الذكر والأنثى كما هو معتاد، وتارة لا من الأب والأم كما في خلق آدم عليه السلام، وتارة من الأم لا من الأب كما في حق عيسى عليه السلام، والثاني : يخلق ما يشاء، يعني أن عيسى إذا قدر صورة الطير من الطين فالله تعالى يخلق فيه اللحمية والحياة والقدرة معجزة لعيسى، وتارة يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص معجزة له، ولا اعتراض على الله تعالى في شيء من أفعاله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٢﴾
وقال القرطبى :
﴿ وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ والمسيح وأُمه بينهما مخلوقان محدودان محصوران، وما أحاط به الحدّ والنهاية لا يصلح للإلهية.
وقال :﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ ولم يقل وما بينهن ؛ لأنه أراد النوعين والصنفين كما قال الراعي :
طَرَقَا فتلك هَمَاهِمي أقْرِيهما...
قُلُصا لَواقِحَ كالقِسِيّ وحُولا
فقال :"طرقاً" ثم قال :"فتلك هماهِمِي".
﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ عيسى من أُم بلا أب آية لعباده. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :


الصفحة التالية
Icon