وفي هذا النداء الإلهي لأهل الكتاب، يسجل عليهم أنهم مدعوون إلى الإسلام. مدعوون للإيمان بهذا الرسول ونصره وتأييده، كما أخذ عليهم ميثاقه. ويسجل عليهم شهادته - سبحانه - بأن هذا النبي الأمي هو رسوله إليهم - كما أنه رسول إلى العرب، وإلى الناس كافة - فلا مجال لإنكار رسالته من عند الله أولاً ؛ ولا مجال للادعاء بأن رسالته مقتصرة على العرب، أو ليست موجهة إلى أهل الكتاب ثانياً :
﴿ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا، يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ﴾..
فهو رسول الله إليكم. ودوره معكم أن يبين لكم ويوضح ويكشف، ما تواطأتم على إخفائه من حقائق كتاب الله الذي معكم.. سواء في ذلك اليهود والنصارى.. وقد أخفى النصارى الأساس الأول للدين.. التوحيد.. وأخفى اليهود كثيراً من أحكام الشريعة ؛ كرجم الزاني، وتحريم الربا كافة. كما أخفوا جميعاً خبر بعثة النبي الأمي ﴿ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ﴾ كما أنه - ﷺ - يعفو عن كثير مما أخفوه أو حرفوه ؛ مما لم يرد به شرعه. فقد نسخ الله من أحكام الكتب والشرائع السابقة ما لم يعد له عمل في المجتمع الإنساني، مما كانت له وظيفة وقتية في المجتمعات الصغيرة الخاصة، التي بعث إليها الرسل من قبل ولفترة محدودة - في علم الله - من الزمان، قبل أن تجيء الرسالة الشاملة الدائمة، وتستقر - وقد أكملها الله وأتم بها نعمته ورضيها للناس ديناً - فلم يعد فيها نسخ ولا تبديل ولا تعديل.
ويبين لهم طبيعة ما جاء به هذا الرسول، ووظيفته في الحياة البشرية، وما قدر الله من أثره في حياة الناس.
﴿ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم ﴾..
وليس أدق ولا أصدق ولا أدل على طبيعة هذا الكتاب.. القرآن.. وعلى طبيعة هذا المنهج.
الإسلام.. من أنه ﴿ نور ﴾..


الصفحة التالية
Icon