السُّدي : زعمت اليهود أن الله عز وجل أوحى إلى إسرائيل عليه السلام أن ولدك بِكري من الولد.
قال غيره : والنصارى قالت نحن أبناء الله ؛ لأن في الإنجيل حكاية عن عيسى "أذهبُ إلى أبي وأبيكم".
وقيل المعنى : نحن أبناء رسل الله، فهو على حذف مضاف.
وبالجملة فإنهم رأُوا لأنفسهم فضلاً ؛ فردّ عليهم قولهم فقال :﴿ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ﴾ فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ؛ إما أن يقولوا هو يعذبنا، فيقال لهم : فلستم إذاً أبناءه وأحباءه ؛ فإن الحبيب لا يعذب حبيبه، وأنتم تقرّون بعذابه ؛ فذلك دليل على كذبكم وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف أو يقولوا : لا يعذّبنا فيكذّبوا ما في كتبهم، وما جاءت به رسلهم، ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ؛ ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم.
وقيل : معنى ﴿ يُعَذِّبُكُم ﴾ عَذَّبكم ؛ فهو بمعنى المُضِيّ ؛ أي فلم مسخكم قردة وخنازير؟ ولم عذب من قبلكم من اليهود والنصارى بأنواع العذاب وهم أمثالكم؟ لأن الله سبحانه لا يحتج عليهم بشيء لم يكن بعد، لأنهم ربما يقولون لا نُعذَّب غداً، بل يحتج عليهم بما عرفوه.
ثم قال :﴿ بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾ أي كسائر خلقه يحاسبكم على الطاعة والمعصية، ويجازي كلا بما عمل.
﴿ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ ﴾ أي لمن تاب من اليهود.
﴿ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ﴾ من مات عليها.
﴿ وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ فلا شريك له يعارضه.
﴿ وَإِلَيْهِ المصير ﴾ أي يئول أمر العباد إليه في الآخرة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :