ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ﴾ الأشهر عند المفسرين أنّ الرجلين هما يوشع بن نون بن افراثيم بن يوسف وهو ابن أخت موسى، وكالب بن يوقنا ختن موسى على أخته مريم بنت عمران ويقال فيه : كلاب، ويقال : كالوب، وهما اللذان وفيا من النقباء الذين بعثهم موسى في كشف أحوال الجبابرة فكتما ما اطلعا عليه من حال الجبابرة إلا عن موسى، وأفشى ذلك بقية النقباء في أسباطهم فآل بهم ذلك إلى الخور والجبن بحيث امتنعوا عن القتال.
وقيل : الرجلان كانا من الجبارين آمنا بموسى واتبعاه، وأنعم الله عليهما بالإيمان.
فإن كان الرجلان هما يوشع وكالب فمعنى قوله : يخافون، أي : يخافون الله، ويكون إذ ذاك مع موسى أقوام يخافون الله فلا يبالون بالعدو لصحة إيمانهم وربط جأشهم، وهذان منهم.
أو يخافون العدو، ولكن أنعم الله عليهما بالإيمان والثبات، أو يخافهم بنو إسرائيل فيكون الضمير في يخافون عائداً على بني إسرائيل، والضمير الرابط للصلة بالموصول محذوفاً تقديره : من الذين يخافونهم أي : يخافهم بنو إسرائيل.
ويدل على هذا التأويل قراءة ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، يخافون بضم الياء.
وتحتمل هذه القراءة أن يكون الرجلان يوشع وكالب.
ومعنى يخافون أي : يهابون ويوقرون ويسمع كلامهم لتقواهم وفضلهم، ويحتمل أن يكون من أخاف أي يخيفون : بأوامر الله ونواهيه وزجره ووعيده، فيكون ذلك مدحاً لهم كقوله ﴿ أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ﴾ والجملة من أنعم الله عليهما صفة لقوله : رجلان، وصفا أولاً بالجار والمجرور، ثم ثانياً بالجملة.
وهذا على الترتيب الأكثر في تقديم المجرور أو الظرف على الجملة إذا وصفت بهما، وجوز أن تكون الجملة حالاً على إضمار قد، وأن تكون اعتراضاً، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
وفي قراءة عبد الله.
أنعم الله عليهما ويلكم ادخلوا عليهم الباب.