و ﴿ أن تقولوا ﴾ تعليل لقوله :﴿ قد جاءكم ﴾ لبيان بعض الحِكَم من بعثة الرسول، وهي قطع معذرة أهل الكتاب عند مؤاخذتهم في الآخرة، أو تقريعهم في الدّنيا على ما غيّروا من شرائعهم، لئلاّ يكون من معاذيرهم أنّهم اعتادوا تعاقب الرسل لإرشادهم وتجديد الدّيانة، فلعلّهم أن يعتذروا بأنّهم لمّا مضت عليهم فترة بدون إرسال رسول لم يتّجه عليهم ملام فيما أهملوا من شرعهم وأنّهم لو جاءهم رسول لاهتدَوا.
فالمعنى أن تقولوا : ما جاءنا رسول في الفترة بعد موسى أو بعد عيسى.
وليس المراد أن يقولوا : ما جاءنا رسول إلينا أصلاً، فإنّهم لا يدّعون ذلك، وكيف وقد جاءهم موسى وعيسى.
فكان قوله :﴿ أنّ تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ﴾ تعليلاً لمجيء الرسول ﷺ إليهم، ومتعلّقاً بفعل ﴿ ما جَاءنا ﴾.
ووجب تقدير لام التّعليل قبل ( أنْ ) وهو تقدير يقتضيه المعنى.


الصفحة التالية
Icon