وأنّ صَرْفَها عن إفادة الاستقبال يعتمد على القرائن، فيكون المعنى هنا أنّ أهل الكتاب قد قالوا هذا العذر لمن يلومهم مثل الّذين اتّبعوا الحنيفية، كأمية بن أبي الصلت وزيدِ بن عمرو بن نُفيل، أو قاله اليهود لنصارى العرب. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
الفائدة في بعثة محمد عليه الصلاة والسلام عند فترة من الرسل هي أن التغيير والتحريف قد تطرق إلى الشرائع المتقدمة لتقادم عهدها وطول زمانها، وبسبب ذلك اختلط الحق بالباطل والصدق بالكذب، وصار ذلك عذراً ظاهر في اعراض الخلق عن العبادات.
لأن لهم أن يقولوا : يا إلهنا عرفنا أنه لا بدّ من عبادتك ولكنا ما عرفنا كيف نعبد، فبعث الله تعالى في هذا الوقت محمداً عليه الصلاة والسلام إزالة لهذا العذر، وهو ﴿أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ﴾ يعني إنما بعثنا إليكم الرسول في وقت الفترة كراهة أن تقولوا : ما جاءنا في هذا الوقت من بشير ولا نذير.
ثم قال تعالى :﴿فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ فزالت هذه العلة وارتفع هذا العذر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٥﴾
قال الآلوسى :
والفاء في قوله تعالى :﴿ فَقَدْ جَاءَكُم بَشيرٌ وَنَذيرٌ ﴾ تفصح عن محذوف ما بعدها علة له، والتقدير هنا لا تعتذروا فقد جاءكم وتسمى الفاء الفصيحة، وتختلف عبارة المقدر قبلها، فتارة يكون أمراً أو نهياً، وتارة يكون شرطاً كما في قوله تعالى :﴿ فهذا يوم البعث ﴾ [ الروم : ٥٦ ]، وقول الشاعر :
فقد جئنا خراساناً...


الصفحة التالية
Icon