وتارة معطوفاً عليه كما في قوله تعالى :﴿ فانفجرت ﴾ [ البقرة : ٦٠ ] وقد يصار إلى تقدير القول كما في الفرقان ( ١٩ ) في قوله تعالى :﴿ فقد كذبوكم ﴾، وإن شئت قدرت هنا أيضاً فقلنا : لا تعتذروا فقد الخ، وقد صرح بعض علماء العربية أن حقيقة هذه الفاء أنها تتعلق بشرط محذوف، ولا ينافي ذلك إضمار القول لأنه إذا ظهر المحذوف لم يكن بدّ من إضمار ليرتبط بالسابق فيقال : في البيت مثلاً، وقلنا، أو فقلنا : إن صح ما ذكرتم فقد جئنا خراساناً، وكذلك ما نحن فيه فقلنا : لا تعتذروا فقد جاءكم، ثم إنه في المعنى جواب شرط مقدر سواء صرح بتقديره أم لا لأن الكلام إذا اشتمل على مترتبين أحدهما على الآخر ترتب العلية كان في معنى الشرط والجزاء، فلا تنافي بين التقادير.
والتقادير المختلفة، ولو سلم التنافي فهما وجهان ذكروا أحدهما في موضع والآخر في آخر كما حققه في "الكشف" وقد مرت الإشارة من بعيد إلى أمر هذه الفاء فتذكر، وتنوين بشير ونذير ) للتفخيم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ فقد جاءكم بشير ونذير ﴾ الفاء فيه للفصيحة، وقد ظهر حسن موقعها بما قرّرتُ به معنى التعليل، أي لأن قلتم ذلك فقد بطل قولكم إذ قد جاءكم بشير ونذير.
ونظير هذا قول عباس بن الأحنف:
قالوا خراسانُ أقصى ما يُراد بنا...
ثم القُفُول فقد جئْنا خُراسانا. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قال تعالى ﴿والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ﴾
قال الفخر :
المعنى أن حصول الفترة يوجب احتياج الخلق إلى بعثة الرسل، والله تعالى قادر على كل شيء، فكان قادراً على البعثة، ولما كان الخلق محتاجين إلى البعثة، والرحيم الكريم قادراً على البعثة وجب في كرمه ورحمته أن يبعث الرسل إليهم، فالمراد بقوله ﴿والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ﴾ الإشارة إلى الدلالة التي قررناها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٥﴾
وقال السمرقندى :