ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ﴾ أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل : المخاطب بأهل الكتاب هنا هم اليهود خاصة، ويرجحه ما روي في سبب النزول : وأن معاذ بن جبل، وسعد بن عبادة، وعقبة بن وهب قالوا : يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله.
ويبين لكم أي يوضح لكم ويظهر.
ويحتمل أن يكون مفعول يبين حذف اختصار، أو يكون هو المذكور في الآية.
قبل هذا، أي : يبين لكم ما كنتم تخفون، أو يكون دل عليه معنى الكلام أي : شرائع الدين.
أو حذف اقتصاراً واكتفاء بذكر التبيين مسنداً إلى الفاعل، دون أن يقصد تعلقه بمفعول، والمعنى : يكون منه التبيين والإيضاح.
ويبين لكم هنا وفي الآية قبل في موضع نصب على الحال.
وعلى فترة متعلق بجاءكم، أو في موضع نصب على الحال، والمعنى : على فتور وانقطاع من إرسال الرسل.
والفترة التي كانت بين رسول الله ﷺ وعيسى عليه السلام قال قتادة : خمسمائة سنة وستون.
وقال الضحاك : أربعمائة سنة وبضع وثلاثون سنة.
وقيل : أربعمائة ونيف وستون.
وذكر محمد بن سعد في كتاب الطبقات له عن ابن عباس : أن كان بين ميلاد عيسى والنبي عليهما الصلاة والسلام خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء.
وهو قوله تعالى :﴿ إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث ﴾ وهو شمعون وكان من الحواريين.
وقال الكلبي مثل قول ابن عباس إلا أنه قال : بينهما أربعة أنبياء، واحد من العرب من بني عبس وهو خالد بن سنان الذي قال فيه النبي ﷺ :" ضيعه قومه ".
وروي عن الكلبي أيضاً خمسمائة وأربعون.
وقال وهب : ستمائة سنة وعشرون.
وقيل : سبعمائة سنة.
وقال مقاتل : ستمائة سنة، وروي هذا عن قتادة والضحاك.
وذكر ابن عطية أن هذا روي في الصحيح.
فإن كانا كما ذكر وجب أن لا يعدل عنه لسواه.
وهذه التواريخ نقلها المفسرون من كتب اليونان وغيرهم ممن لا يتحرّى النقل.