ومن فوائد الخطيب الشربينى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿يا أهل الكتاب﴾ أي : من الفريقين ﴿قد جاءكم رسولنا﴾ محمد ﷺ ﴿يبيّن لكم﴾ أي : ما كتمتم وحذف لتقدّم ذكره أو الدين وحذف لظهوره ويجوز أن لا يقدر مفعول على معنى ويبذل لكم البيان وجملة يبيّن لكم في موضع الحال أي : جاءكم رسولنا مبيناً لكم وقوله تعالى :﴿على فترة من الرسل﴾ متعلق بجاءكم أي : جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي، قال ابن عباس : يريد على انقطاع من الأنبياء فشبّه فقدهم وبعد العهد بهم ونسيان أخبارهم وبلاء رسومهم وآثارهم وانطماس معالمهم وأنوارهم بشيء كان يغلي ففتر ولم يبق من وصفه المقصود منه إلا أثرٌ خافٍ ورسْمٌ دارسٌ.
يقال : فتر الشيء يفتر فتوراً إذا سكنت حركته وصار أقلّ مما كان عليه وسميت المدّة بين الأنبياء فترة لفتور الدواعي في العمل بترك الشرائع واختلفوا في مدّة الفترة بين عيسى ومحمد ﷺ فقال أبو عثمان النهدي : ستمائة سنة، وقال قتادة : خمسمائة وستون سنة وقال معمر والكلبيّ : خمسمائة وستة وأربعون سنة وعن الكلبيّ : بين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة وألف نبيّ، وبين عيسى ومحمد ﷺ أربعة من الأنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب وهو خالد بن سنان العبسيّ، وفي الآية امتنان عليهم بأن بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي وكانوا أحوج ما يكون إليه قال البقاعي : ولعله عبّر بالمضارع في يبيّن إشارة إلى أنّ دينه وبيانه لا ينقطع أصلاً بحفظ كتابه فكلما درست سنة منح الله تعالى بعالم يردّ الناس إليها بالكتاب العزيزالمعجز القائم أبداً فلذلك لا يحتاج الأمر إلى نبيّ مجدّد إلا عند الفتنة التي لا تطيقها العلماء وهي فتنة الدجال ويأجوج ومأجوج.


الصفحة التالية
Icon