أَنْ يُرْجِعُوهَا إِلَى التَّوْحِيدِ الصَّحِيحِ الَّذِي هُوَ دِينُ الْمَسِيحِ وَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَرُسُلِ اللهِ أَجْمَعِينَ، فَهُمْ لَا يَزَالُونَ يَقُولُونَ بِأُلُوهِيَّةِ الْمَسِيحِ وَبِالتَّثْلِيثِ، وَيَعُدُّونَ الْمُوَحِّدَ غَيْرَ مَسِيحِيٍّ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْفِرْقَتَانِ الْكَبِيرَتَانِ الْأُخْرَيَانِ مِنْ فِرَقِ النَّصْرَانِيَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَهُمُ الْكَاثُولِيكُ وَالْأُرْثُوذُكْسُ، فَجَمِيعُ فِرَقِ نَصَارَى هَذَا الْعَصْرِ تَقُولُ : إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَأَنَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ هُوَ اللهُ، تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّصَارَى الْقُدَمَاءَ لَمْ يَكُونُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى هَذِهِ الْعَقِيدَةِ كَمَا قَالَ مُفَسِّرُونَا.
قَالَ (الدُّكْتُورُ بوستُ) فِي تَارِيخِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ مَا نَصُّهُ :" طَبِيعَةُ اللهِ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَقَانِيمَ مُتَسَاوِيَةِ الْجَوْهَرِ : اللهُ الْآبُ، وَاللهُ الِابْنُ، وَاللهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، فَإِلَى الْآبِ يَنْتَمِي الْخَلْقُ بِوَاسِطَةِ الِابْنِ، وَإِلَى الِابْنِ الْمُفَدَّى وَإِلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ التَّطْهِيرُ، غَيْرَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَانِيمَ تَتَقَاسَمُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ عَلَى السَّوَاءِ.
أَمَّا مَسْأَلَةُ التَّثْلِيثِ فَغَيْرُ وَاضِحَةٍ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ كَمَا هِيَ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى هَذَا فِي (تك ص١) حَيْثُ ذُكِرَ " اللهُ " وَ " رُوحُ اللهِ "... إِلَخْ (قابل مز ٣٣ : ويو ١٦ : ١٠ و٣) وَالْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ الْمُشَخِّصَةُ فِي (أم ص ٨)