أحدهما : أنها منصوبة بالتحريم، أي الأرض المقدسة محرمة عليهم أربعين سنة، ثم فتح الله تعالى تلك الأرض لهم من غير محاربة، هكذا ذكره الربيع بن أنس.
والقول الثاني : أنها منصوبة بقوله ﴿يَتِيهُونَ فِى الأرض﴾ أي بقوا في تلك الحالة أربعين سنة، وأما الحرمة فقد بقيت عليهم وماتوا، ثم إن أولادهم دخلوا تلك البلدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٩ ـ ١٦٠﴾
فائدة
قال الفخر :
يحتمل أن موسى عليه السلام لما قال في دعائه على القوم ﴿فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين﴾ [ المائدة : ٢٥ ] لم يقصد بدعائه هذا الجنس من العذاب، بل أخف منه.
فلما أخبره الله تعالى بالتيه علم أنه يحزن بسبب ذلك فعزاه وهون أمرهم عليه، فقال ﴿فَلاَ تَأْسَ عَلَى القوم الفاسقين﴾ قال مقاتل : إن موسى لما دعا عليهم أخبره الله تعالى بأحوال التيه، ثم إن موسى عليه السلام أخبر قومه بذلك، فقالوا له : لم دعوت علينا وندم موسى على ما عمل، فأوحى الله تعالى إليه ﴿لا تَأْسَ عَلَى القوم الفاسقين﴾ وجائز أن يكون ذلك خطاباً لمحمد ﷺ، أي لا تحزن على قوم لم يزل شأنهم المعاصي ومخالفة الرسل والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٠﴾

فصل


قال الفخر :
اختلف الناس في أن موسى وهارون عليهما السلام هل بقيا في التيه أم لا ؟
فقال قوم : إنهما ما كانا في التيه، قالوا : ويدل عليه وجوه : الأول : أنه عليه السلام دعا الله يفرق بينه وبين القوم الفاسقين، ودعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مجابة، وهذا يدل على أنه عليه السلام ما كان معهم في ذلك الموضع، والثاني : أن ذلك التيه كان عذاباً والأنبياء لا يعذبون، والثالث : أن القوم إنما عذبوا بسبب أنهم تمردوا وموسى وهارون ما كانا كذلك، فكيف يجوز أن يكونا مع أولئك الفاسقين في ذلك العذاب.


الصفحة التالية
Icon