ومن فوائد الخازن فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ قال ﴾ الله عز وجل :﴿ فإنها محرمة عليهم ﴾ يعني فإن الأرض المقدسة محرمة عليهم ومعناه أن تلك البلدة محرمة عليهم أبداً ولم يرد تحريم تعبد وإنما أراد تحريم منع فأوحى الله تعالى إلى موسى " بي حلفت لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي يوشع وكالب ولأتيهنهم في هذه البرية أربعين سنة مكان كل يوم من الأيام التي كانوا يتجسسون فيها سنة ولألقين جيفهم في هذه القفار وأما أبناؤهم الذين لم يعملوا الشر فيدخلوها " فذلك قوله تعالى فإنها يعني الأرض المقدسة محرمة عليهم.
قال أكثر أهل العلم : هذا تحريم منع لا تحريم تعبُّد.
وقيل : يحتمل أن يكون تحريم تعبد فيجوز أن يكون الله تعالى أمرهم بأن يمكثوا في تلك المفازة في الشدة والبلية عقاباً لهم على سوء صنيعهم ( أربعين سنة ) فمن قال إن الكلام ثم عند قوله فإنها محرمة عليهم قال أربعين سنة يتيهون في الأرض فأما الحرمة فإنها مؤبدة حتى يموتوا ويدخلها أبناؤهم.
وقيل : معناه أن الأرض المقدسة محرمة عليهم أربعين سنة ثم يدخلونها وتفتح لم.
وقوله تعالى :﴿ يتيهون في الأرض ﴾ يعني يتحيرون فيها.
يقال : تاه يتيه إذا تحير.
واختلفوا في مقدار الأرض التي تاهوا فيها، فقيل : مقدار ستة فراسخ.
وقيل : ستة فراسخ في اثني عشر فرسخاً.
وقيل : تسع فراسخ في ثلاثين فرسخاً.
وكان القوم ستمائة ألف مقاتل وكانوا يرحلون ويسيرون يومهم أجمع فإذا أمسوا إذا هم في الموضع الذي رحلوا منه وكان ذلك التيه عقوبة لنبي إسرائيل ما خلا موسى وهارون ويوشع وكالب فإن الله تعالى سهله عليهم وأعانهم عليه كما سهل على إبراهيم النار وجعلها برداً وسلاماً.
فإن قلت : كيف يعقل بقاء هذا الجمع العظيم في هذا المقدار الصغير من الأرض أربعين سنة بحيث لم يخرج منه أحد؟.
قلت : هذا من باب خوارق العادات.
وخوارق العادات في أزمان الأنبياء غير مستبعدة، فإن الله على كل شيء قدير.


الصفحة التالية
Icon