الثالث : قال ابن كثير : ذكر كثير من المفسرين ههنا أخباراً من وضع بني إسرائيل، في عظمة خلق هؤلاء الجبارين، وأن منهم عوج بن عنق بنت آدم عليه السلام. وأن طوله ثلاثة آلاف ذراع. وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ذرعاً وثلث ذراع. تحرير الحساب. وهذا شيء يستحي من ذكره. ثم هو مخالف لما ثبت في " الصحيحين " : أنّ رسول الله ﷺ قال :< إنّ الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن >. ثم ذكروا أنّ هذا الرجل كان كافراً، وأنه كان ولد زِنْية، وأنه امتنع من ركوب سفينة نوح، وأن الطوفان لم يصل إلى ركبته. وهذا كذب وافتراء، فإن الله تعالى ذكر أن نوحاً دعا على أهل الأرض من الكافرين فقال :﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ﴾ [ نوح : ٢٦ ]. وقال تعالى :﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴾ [ الشعراء : ١١٩ - ١٢٠ ]. وقال تعالى :﴿ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ ﴾ [ هود : ٤٣ ]، وإذا كان ابنُ نوح، الكافرُ، غرق، فكيف يبقى عوج بن عنق وهو كافر وولد زنية ؟ هذا لا يسوغ في عقلٍ ولا شرعٍ. ثم في وجود رجلٍ يقال له عوج بن عنق، نظر. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon