وروي عن ميمون بن مهران عن الحبر رضي الله تعالى عنه أنه قال : من قال : إن آدم عليه السلام قال شعراً فقد كذب إن محمداً ﷺ والأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام في النهي عن الشعر سواء، ولكن لما قتل قابيل هابيل رثاه آدم بالسرياني فلم يزل ينقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان، وكان يتكلم بالعربية والسريانية، فنظر فيه فقدم وأخر وجعله شعراً عربياً، وذكر بعض علماء العربية أن في ذلك الشعر لحناً أو إقواءاً أو ارتكاب ضرورة، والأولى عدم نسبته إلى يعرب أيضاً لما فيه من الركاكة الظاهرة.
﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ الخاسرين ﴾ دنيا وآخرة، أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال :" قال رسول الله ﷺ : لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل "، وأخرج ابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال :"إنا لنجد ابن آدم القاتل يقاسم أهل النار قسمة صحيحة العذاب عليه شطر عذابهم" وورد أنه أحد الأشقياء الثلاثة، وهذا ونحوه صريح في أن الرجل مات كافراً.
وأصرح من ذلك ما روي أنه لما قتل أخاه هرب إلى عدن من أرض اليمن فأتاه إبليس عليهما اللعنة فقال : إنما أكلت النار قربان هابيل لأنه كان يخدمها ويعبدها فإن عبدتها أيضاً حصل مقصودك فبنى بيت نار فعبدها فهو أول من عبد النار، والظاهر أن عليه أيضاً وزر من يعبد النار بل لا يبعد أن يكون عليه وزر من يعبد غير الله تعالى إلى يوم القيامة، واستدل بعضهم بقوله سبحانه :﴿ فَأَصْبَحَ ﴾ على أن القتل وقع ليلاً وليس بشيء فإن من عادة العرب أن يقولوا : أصبح فلان خاسر الصفقة إذا فعل أمراً ثمرته الخسران، ويعنون بذلك الحصول مع قطع النظر عن وقت دون وقت، وإنما لم يقل سبحانه فأصبح خاسراً للمبالغة وإن لم يكن حينئذ خاسر سواه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon