و ﴿ كيف ﴾ يجوز أن تكون مجرّدة عن الاستفهام مراداً منها الكيفية، أو للاستفهام، والمعنى : ليريه جواب كيف يُواري. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
﴿سوأة أَخِيهِ﴾ عورة أخيه، وهو ما لا يجوز أن ينكشف من جسده، والسوأة الفضيحة لقبحها.
وقيل سوأة أخيه، أي جيفة أخيه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٦﴾
وقال ابن عاشور :
وَالسَّوْأة : مَا تَسُوء رؤيتُه، وَهِي هنا تغيّر رائحة القتيل وتقطّع جسمه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿قَالَ ياويلتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين﴾
فصل
قال الفخر :
لا شك أن قوله ﴿يا ويلتى﴾ كلمة تحسر وتلهف، وفي الآية احتمالان : الأول : أنه ما كان يعلم كيف يدفن المقتول، فلما تعلم ذلك من الغراب علم أن الغراب أكثر علماً منه وعلم أنه إنما أقدم على قتل أخيه بسبب جهله وقلة معرفته، فندم وتلهف وتحسر على فعله.
الثاني : أنه كان عالماً بكيفية دفنه، فإنه يبعد في الإنسان أن لا يهتدي إلى هذا القدر من العمل، إلا أنه لما قتله تركه بالعراء استخفافاً به، ولما رأى الغراب يدفن الغراب الآخر رق قلبه وقال : إن هذا الغراب لما قتل ذلك الآخر فبعد أن قتله أخفاه تحت الأرض، أفأكون أقل شفقه من هذا الغراب، وقيل : إن الغراب جاء وكان يحثي التراب على المقتول، فلما رأى أن الله أكرمه حال حياته بقبول قربانه.
وأكرمه بعد مماته بأن بعث هذا الغراب ليدفنه تحت الأرض علم أنه عظيم الدرجة عند الله فتلهف على فعله، وعلم أنه لا قدرة له على التقرب إلى أخيه إلا بأن يدفنه في الأرض، فلا جرم قال : يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٦﴾