وقال الآلوسى :
﴿ واتل عَلَيْهِمْ ﴾ عطف على مقدر تعلق به قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ موسى ﴾ [ المائدة : ٢٠ ] الخ، وتعلقه به قيل : من حيث إنه تمهيد لما سيأتي إن شاء الله تعالى من جنايات بني إسرائيل بعدما كتب عليهم ما كتب وجاءتهم الرسل بما جاءتهم به من البينات.
وقيل : من حيث إن في الأول الجبن عن القتل، وفي هذا الإقدام عليه مع كون كل منهما معصية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ﴾
عَطَفَ نبأ على نبإ ليكون مقدّمة للتحذير من قَتْل النفس والحِرابة والسرقة، ويتبع بتحريم الخمر وأحكام الوصية وغيرها، وليحسن التخلّص ممّا استطرد من الأنباء والقصَص التي هي مواقع عبرة وتُنْظم كلّها في جرائر الغرور.
والمناسبةُ بينها وبين القصّة الّتي قبلها مناسبة تماثل ومناسبة تضادّ.
فأما التماثل فإنّ في كلتيهما عدم الرضا بما حكم الله تعالى : فإنّ بني إسرائيل عصوا أمر رسولهم إيّاهم بالدخول إلى الأرض المقدّسة، وأحدَ ابني آدم عصى حكم الله تعالى بعدم قبول قربانه لأنّه لم يكن من المتّقين.
وفي كلتيهما جرأة على الله بعد المعصيّة ؛ فبنو إسرائيل قالوا :﴿ اذهب أنت وربّك ﴾ [ المائدة : ٢٤ ]، وابن آدم قال : لأقتلنّ الّذي تقبّل الله منه.
وأمّا التّضادّ فإنّ في إحداهما إقداماً مذموماً من ابن آدم، وإحجاماً مذموماً من بني إسرائيل، وإنّ في إحداهما اتّفاق أخوين هما موسى وأخوه على امتثال أمر الله تعالى، وفي الأخرى اختلافَ أخوين بالصّلاح والفساد. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
قوله ﴿واتل عَلَيْهِمْ﴾ فيه قولان :
أحدهما : واتل على الناس.
والثاني : واتل على أهل الكتاب، وفي قوله ﴿ابنى ءادَمَ﴾ قولان : الأول : أنهما ابنا آدم من صلبه، وهما هابيل وقابيل.