وفي سبب وقوع المنازعة بينهما قولان (١) :
أحدهما : أن هابيل كان صاحب غنم، وقابيل كان صاحب زرع، فقرب كل واحد منهما قرباناً، فطلب هابيل أحسن شاة كانت في غنمه وجعلها قرباناً، وطلب قابيل شر حنطة في زرعه فجعلها قرباناً، ثم تقرب كل واحد بقربانه إلى الله فنزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل ولم تحمل قربان قابيل، فعلم قابيل أن الله تعالى قبل قربان أخيه ولم يقبل قربانه فحسده وقصد قتله، وثانيهما : ما روي أن آدم عليه السلام كان يولد له في كل بطن غلام وجارية وكان يزوج البنت من بطن الغلام من بطن آخر، فولد له قابيل وتوأمته، وبعدهما هابيل وتوأمته، وكانت توأمة قابيل أحسن الناس وجهاً، فأراد آدم أن يزوجها من هابيل، فأبى قابيل ذلك وقال أن أحق بها، وهو أحق بأخته، وليس هذا من الله تعالى، وإنما هو رأيك، فقال آدم عليه السلام لهما : قربا قرباناً، فأيكما قبل قربانه زوجتها منه، فقبل الله تعالى قربان هابيل بأن أنزل الله تعالى على قربانه ناراً، فقتله قابيل حسداً له.
والقول الثاني : وهو قول الحسن والضحاك : أن ابنى آدم اللذين قربا قرباناً ما كان ابني آدم لصلبه، وإنما كانا رجلين من بني اسرائيل.
قالا : والدليل عليه قوله تعالى في آخر القصة ﴿مِنْ أَجْلِ ذلك كَتَبْنَا على بَنِى إسراءيل أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جميعاً﴾ [ المائدة : ٣٢ ]