قال : فكنت أحق بما فعلت به منه ا فقال له آدم : يا بني إن الله قد أمرني بذلك، وإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ؛ فقال : لا والله ولكنك آثرته علي.
فقال آدم :"فقرِّبا قرباناً فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بالفضل".
قلت : هذه القصة عن جعفر ما أظنها تصح، وأن القول ما ذكرناه من أنه كان يزوّج غلام هذا البطن لجارية تلك البطن.
والدليل على هذا من الكتاب قوله تعالى :﴿ ياأَيُّهَا الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً ﴾ [ النساء : ١ ] وهذا كالنص ثم نسخ ذلك، حسبما تقدّم بيانه في سورة "البقرة".
وكان جميع ما ولدته حواء أربعين من ذكر وأنثى في عشرين بطناً ؛ أولهم قابيل وتوءمته إقليمياء، وآخرهم عبد المغيث.
ثم بارك الله في نسل آدم.
قال ابن عباس : لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفاً.
وما روى عن جعفر من قوله : فولدت بنتاً وأنها بغت فيقال : مع من بغت؟ أمع جِني تسوّل لها! ومثل هذا يحتاج إلى نقل صحيح يقطع العذر، وذلك معدوم. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ وإذ ﴾ ظرف زمان ل ﴿ نبأ ﴾، أي خبرهما الحاصل وقت تقريبهما قُرباناً، فينتصب ( إذ ) على المفعول فيه.
وفِعْلُ ﴿ قرّبا ﴾ هنا مشتقّ من القُرْبان الذي صار بمنزلة الاسم الجامد، وأصله مصدر كالشُّكران والغفران والكُفران، يسمّى به ما يتقرّب به المرء إلى ربّه من صدقة أو نُسك أو صلاة، فاشتقّ من القرآن قرّب، كما اشتقّ من النُّسك نَسَكَ، ومن الأضحيّة ضَحَّى، ومن العقيقة عَقّ.
وليس ﴿ قرّبا ﴾ هنا بمعنى أدْنَيَا إذ لا معنى لذلك هنا.
وفي التّوراة هما ( قايين ) والعرب يسمّونه قَابِيل وأخوه ( هَابِيل ).