وقيل : إنه أضمر أنه لا يبالي سواء قبل أو لم يقبل ولا يزوج أخته من هابيل.
وقيل : كان قابيل ليس من أهل التقوى والطاعة، فلذلك لم يقبل الله قربانه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٣﴾
فصل
قال الفخر :
ثم حكى الله تعالى عن قابيل أنه قال لهابيل ﴿لأقتلنك﴾ فقال هابيل ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين﴾ وفي الكلام حذف، والتقدير : كأن هابيل قال : لم تقتلني ؟ قال لأن قربانك صار مقبولاً، فقال هابيل : وما ذنبي ؟ إنما يتقبل الله من المتقين.
وقيل : هذا من كلام الله تعالى لنبيّه محمد ﷺ اعتراضاً بين القصة، كأنه تعالى بيّن لمحمد ﷺ أنه إنما لم يقبل قربانه لأنه لم يكن متقياً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٣﴾
قال الآلوسى :
﴿ قَالَ ﴾ استئناف سؤال نشأ من الكلام السابق كأنه قيل : فماذا قال من لم يتقبل قربانه؟ فقيل : قال لأخيه لفرط الحسد على قبول قربانه ورفعة شأنه عند ربه عز وجل كما يدل عليه الكلام الآتي، وقيل : على ما سيقع من أخذ أخته الحسناء ﴿ لأقْتُلَنَّكَ ﴾ أي والله تعالى لأقتلنك بالنون المشدة، وقرىء بالمخففة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال القرطبى :
وفي قول هابيل :﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين ﴾ كلام قبله محذوف ؛ لأنه لما قال له قابيل :﴿ لأَقْتُلَنَّكَ ﴾ قال له : ولم تقتلني وأنا لم أجنِ شيئاً؟، ولا ذنب لي في قبول الله قرباني، أما إني اتقيته وكنتُ علي لاحِبِ الحق وإنما يتقبل الله من المتقين.
قال ابن عطية : المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السّنة ؛ فمن اتقاه وهو موحِّد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة ؛ وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة ؛ علم ذلك بإخبار الله تعالى لا أن ذلك يجب على الله تعالى عقلاً.
وقال عدِي بن ثابت وغيره : قربان متقي هذه الأمة الصلاة.
قلت : وهذا خاص في نوع من العبادات.