وقد رَوى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :" إن الله تبارك وتعالى قال من عادى لي ولياً فقد اذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينهُ ولئن استعاذني لأعيذنّه وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مَسَاءته ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ قَالَ ﴾ استئناف كالذي قبله أي قال الذي تقبل قربانه لما رأى حسد أخيه ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله ﴾ أي القربان والطاعة ﴿ مِنَ المتقين ﴾ في ذلك بإخلاص النية فيه لله تعالى لا من غيرهم، وليس المراد من التقوى التقوى من الشرك التي هي أول المراتب كما قيل، ومراده من هذا الجواب إنك إنما أتيت من قبل نفسك لانسلاخها عن لباس التقوى لا من قبلي، فلم تقتلني ومالك لا تعاتب نفسك ولا تحملها على تقوى الله تعالى التي هي السبب في القبول؟ا وهو جواب حكيم مختصر جامع لمعان.
وفيه إشارة إلى أن الحاسد ينبغي أن يرى حرمانه من تقصيره ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظاً لا في إزالة حظه ونعمته، فإن اجتهاده فيما ذكر يضره ولا ينفعه، وقيل : مراده الكناية عن أن لا يمتنع عن حكم الله تعالى بوعيده لأنه متق والمتقي يؤثر الامتثال على الحياة، أو الكناية عن أنه لا يقتله دفعاً لقتله لأنه متق فيكون ذلك كالتوطئة لما بعده، ولا يخفى بعده ؛ وما أنعى هذه الآية على العاملين أعمالهم، وعن عامر بن عبد الله أنه بكى حين حضرته الوفاة، فقيل له : ما يبكيك، فقد كنت وكنت؟ قال : إني أسمع الله تعالى يقول :﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين ﴾. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon