وهاهوذا الحديث النبوي الشريف الذي يمثل القائم على حدود الله والواقع فيها :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجَوْا ونجوا جميعاً "
كذلك مثل القائم على حدود الله ومثل الواقع فيها، فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول لنا : لا تنظر إلى أن نفساً قتلت نفساً بغير حق، ولكن انظر إليها كأن القاتل قتل الناس جميعاً ؛ لأن الناس جميعاً متساوون في حق الحياة. ومادام القاتل قد اجترأ على واحد فمن الممكن أن يَجترئ على الباقين.
أو أن يكون فعله أُسْوَة لغيره، ومادام قد اسْتَن مثل هذه السُّنة، سنجد كل من يغضب من آخر يقتله، وتظل السلسلة من القتلة والقتلى تتوالى.
والحديث النبوي يقول :
" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ".
إنه الاحتياط والدقة والقيد :﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض ﴾. فكأن من قتل نفساً بنفس أو بفساد في الأرض، لا يقال عليه : إنه قتل الناس جميعاً، بل أحيا الناس جميعاً ؛ لأن التجريم لأي فعل يعني مجيء النص الموضح أن هذا الفعل جريمة، وبعد ذلك نضع لهذه الجريمة عقوبة. ولا يمكن أن تأتي لواحد ارتكب فعلاً وتقول له : أنا أؤاخذك به وأُعاقبك عليه بغير أن يوجَد نص بتجريم هذا الفعل.