وهناك توجد قاعدة شرعية قانونية تقول :" لا تجريم إلاّ بنص ولا عُقوبة إلاّ بتجريم ". أي أننا نُرتّب العقوبة على الجريمة، أو ساعة يُجرّم فعل يُذكر بجانب التجريم العقوبة، فعل القصد هو عقاب مُرتكب الجُرم. لا إنما القصد هو تفظيع العقاب حتى يراه كل إنسان قبل أن يرتكب الجريمة، والهدف هو منع الجريمة، ولذلك تجد الحكمة البشرية القائلة :" القتل أنفى للقتل "، وبطبيعة الحال لا يمكن أن ترقى تلك الحكمة إلى قول الحق :﴿ وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ ياأولي الألباب ﴾ [ البقرة : ١٧٩ ]
لأننا يمكن أن نتساءل : أيّ قتل أنفى للقتل؟. وسنجد أن المقصود بالحكمة ليس القتل الابتدائي ولكن قتل الاقتصاص. وهكذا نجد الأسلوب البشري قد فاتته اللمحة الفعَّالة في منع القتل الموجودة في قوله الحق :﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾. وكلمة " أحياها " لها أكثر من معنى. وبالتحديد لها معنيان : المعنى الأول : أنه أبقى فيها الروح التي تحرك المادة، والمعنى الثاني : إحياء الروح الإيمانية، مصداقاً لقول الحق :
﴿ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٢٤ ]
ولنا أن نلتفت إلى أن الحق وضع الفساد في الأرض مُستحقاً لعقوبة القتل. والفساد هو إخراج الصالح عن صلاحيته، والمطلوب منا إيمانياً أن الأمر الصالح في ذاته علينا أن نُبقبه صالحاً، فإن استطعنا أن نزيده صلاحاً فلنفعل وإن لم نستطع فلنتركه على صلاحه.