قوله تعالى :﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ ﴾ الآية.
أي لئن قصدت قتلي فأنا لا أقصد قتلك ؛ فهذا استسلام منه.
وفي الخبر :" إذا كانت الفتنة فكن كخير ابني آدم " وروى أبو داود " عن سعد بن أبي وقاص قال قلت يا رسول الله : إن دخل علي بيتي وبسط يده إلي ليقتلني؟ قال فقال رسول الله ﷺ :"كن كخير ابني آدم" " وتلا هذه الآية :﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ﴾.
قال مجاهد : كان الفرض عليهم حينئذ ألاَّ يَسْتلّ أحد سيفاً، وألا يمتنع ممن يريد قتله.
قال علمائنا : وذلك مما يجوز ورود التعبد به، إلا أن في شرعنا يجوز دفعه إجماعاً.
وفي وجوب ذلك عليه خلاف، والأصح وجوب ذلك ؛ لما فيه من النهي عن المنكر.
وفي الحشوية قوم لا يجوّزون للمصول عليه الدفع ؛ واحتجوا بحديث أبي ذَرّ، وحمله العلماء على ترك القتال في الفتنة، وكف اليد عند الشبهة ؛ على ما بيناه في كتاب "التذكرة" وقال عبد الله بن عمرو وجمهور الناس : كان هابيل أشدّ قوّة من قابيل ولكنه تحرج.
قال ابن عطية : وهذا هو الأظهر، ومن ها هنا يقوى أن قابيل إنما هو عاصٍ لا كافر ؛ لأنه لو كان كافراً لم يكن للتحرج هنا وجه، وإنما وجه التحرج في هذا أن المتحرج يأبى أن يقاتل موحداً، ويرضى بأن يظلم ليجازى في الآخرة ؛ ونحو هذا فعل عثمان رضي الله عنه.
وقيل : المعنى لا أقصد قتلك بل أقصد الدفع عن نفسي، وعلى هذا قيل : كان نائماً فجاء قابيل ورضخ رأسه بحجر على ما يأتي ومدافعة الإنسان عمن يريد ظلمه جائزة وإن أتى على نفس العادي.
وقيل : لئن بدأت بقتلي فلا أبدأ بالقتل.
وقيل : أراد لئن بسطت إلي يدك ظلماً فما أنا بظالم ؛ إني أخاف الله رب العالمين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :