فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾ قيل : معناه معنى قول النبي ﷺ :" "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال :"إنه كان حريصاً على قتل صاحبه" " وكأن هابيل أراد أني لست بحريص على قتلك ؛ فالإثم الذي كان يلحقني لو كنت حريصاً على قتلك أريد أن تحمله أنت مع إثمك في قتلي.
وقيل المعنى "بإثمي" الذي يختصُّ بي فيما فرَّطت ؛ أي يؤخذ من سيئاتي فتطرح عليك بسبب ظلمك لي، وتبوء بإثمك في قتلك ؛ وهذا يعضده قوله عليه الصلاة والسلام :" يؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم فيؤخذ من حسنات الظالم فتزاد في حسنات المظلوم حتى ينتصف فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه ".
أخرجه مسلم بمعناه، وقد تقدّم ؛ ويعضده قوله تعالى :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ] وهذا بيّن لا إشكال فيه.
وقيل : المعنى إني أريد ألاّ تبوء بإثمي وإثمك كما قال تعالى :﴿ وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [ النحل : ١٥ ] أي لئلا تميد بكم.
وقوله تعالى :﴿ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] أي لئلا تضلوا فحذف "لا".
قلت : وهذا ضعيف ؛ لقوله عليه السلام :" لا تُقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأوّل كِفْل من دمها لأنه أوّل من سَنّ القتل " فثبت بهذا أن إثم القتل حاصل ؛ ولهذا قال أكثر العلماء : إنّ المعنى ؛ ترجع بإثم قتلي وإثمك الذي عملته قبل قتلي.
قال الثعلبي : هذا قول عامة أكثر المفسرين.