وقال الشوكانى :
قوله :﴿ إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النار ﴾ هذا تعليل لامتناعه من المقاتلة، بعد التعليل الأوّل وهو :﴿ إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين ﴾.
اختلف المفسرون في المعنى فقيل : أراد هابيل إني أريد أن تبوء بالإثم الذي كان يلحقني لو كنت حريصاً على قتلك، وبإثمك الذي تحملته بسبب قتلي ؛ وقيل المراد بإثمي الذي يختص بي بسبب سيأتي، فيطرح عليك بسبب ظلمك لي وتبوء بإثمك في قتلي.
وهذا يوافق معناه معنى ما ثبت في صحيح مسلم من قوله ﷺ :" يؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم، فيؤخذ من حسنات الظالم فتزاد في حسنات المظلوم حتى ينتصف، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه "، ومثله قوله تعالى :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ] وقيل المعنى : إني أريد أن لا تبوء بإثمي وإثمك كما في قوله تعالى :﴿ وألقى فِى الأرض رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [ النحل : ١٥ ] أي : أن لا تميد بكم.
وقوله :﴿ يُبَيّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] أي : لا تضلوا.
وقال أكثر العلماء : إن المعنى :﴿ إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى ﴾ أي : بإثم قتلك لي :﴿ وَإِثْمِكَ ﴾ الذي قد صار عليك بذنوبك من قبل قتلي.
قال الثعلبي : هذا قول عامة المفسرين وقيل هو على وجه الإنكار : أي : أو إني أريد على وجه الإنكار كقوله تعالى ﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ ﴾ [ الشعراء : ٢٢ ] أي أو تلك نعمة.
قاله القشيري، ووجهه بأن إرادة القتل معصية.
وسئل أبو الحسن بن كيسان : كيف يريد المؤمن أن يأثم أخوه وأن يدخل النار؟ فقال : وقعت الإرادة بعد ما بسط يده إليه بالقتل، وهذا بعيد جدّاً، وكذلك الذي قبله. أ هـ ﴿فتح القدير حـ ٢ صـ ﴾