هذا في رأي العين، فحين تكون راكباً البحر. ترى الشمس تغرب في الماء، هي لا تغرب في الماء ؛ لأن الماء هو نهاية امتداد أُفقك. ﴿ حتى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا ياذا القرنين إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ﴾ [ الكهف : ٨٦ ]
إذن فقد خيره : إمأ ان تعمل هذا وإما أن تعمل ذاك. ﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴾ [ الكهف : ٨٧ ]
ذلك هو القانون الذي يجب أن يسير في المجتمع. جتى لا أترك لمن لا يؤمن بإله ولا يؤمن بآخرة أن يستشري في الظلم. فَلْيأخذ عقابه في الدنيا. ﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ ﴾ [ الطور : ٤٧ ]
أي قبل الآخرة لهم عذاب. ولذلك حين يرى الناس مصرع الظالم، أو ترى الخيبة التي حدثت لهم فهم يأخذون من ذلك العظة، وجيلنا نحن عاصر ظالمين كثيرين نكل بعضهم ببعض ؛ ولو مُكِّن المظلومون منهم ما فعلوا بهم ما فعله بعضهم ببعض، وأراد الحق أن يجري عذابهم أمامنا لتتضح المسألة. ﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴾ [ الكهف : ٨٧ ]
ولا ينتهي أمره بذلك، وبعد ذلك يُردّ لمن؟ يُردّ لله :﴿ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً ﴾ [ الكهف : ٨٧ ]
يعني عذاب الدنيا ؛ إن عذابها سيكون محتملا لأنه عذاب منوط بقدرة العاجزين، إنما العذاب في الآخرة فهو بقوة القادر الأعلى :﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الحسنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً ﴾ [ الكهف : ٨٨ ]
تلك هي مهمة الله القوي المتين : إنّ الذي يظلم يضربه على يده، والذي يحسن عمله يعطيه الحوافز. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon