وقيل : إن قابيل هو الذي انصرف إلى آدم، فلما وصل إليه قال له : أين هابيل؟ فقال : لا أدري كأنك وكلتني بحفظه.
فقال له آدم : أفعلتها؟ا والله إن دمه لينادي ؛ اللهم العن أرضاً شربت دم هابيل.
فروي أنه من حينئذ ما شربت أرض دماً.
ثم إن آدم بقي مائة سنة لم يضحك، حتى جاءه مَلك فقال له : حَيَّاك الله يا آدم وبَيَّاك.
فقال : ما بَيَّاك؟ قال : أضحكك ؛ قاله مجاهد وسالم بن أبي الجَعْد.
ولما مضى من عمر آدم مائة وثلاثون سنة وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له شيثاً، وتفسيره هبة الله، أي خلفاً من هابيل.
وقال مقاتل : كان قبل قتل قابيل هابيل السباع والطيور تستأنس بآدم، فلما قتل قابيل هابيل هربوا ؛ فلحقت الطيور بالهواء، والوحوش بالبرية، ولحقت السباع بالغِياض.
وروي أن آدم لما تغيرت الحال قال :
تَغيَّرتِ البلادُ ومَنْ عليها...
فوجهُ الأرض مُغْبَرٌّ قَبِيحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذي طعْمٍ ولونٍ...
وقلَّ بشاشةَ الوجهُ المَليحُ
في أبيات كثيرة ذكرها الثعلبي وغيره.
قال ابن عطية : هكذا هو الشعر بنصب "بشاشةَ" وكف التنوين.
قال القُشيري وغيره قال ابن عباس : ما قال آدم الشِّعر، وإن محمداً والأنبياء كلهم في النهي عن الشِّعر سواء ؛ لكن لما قُتل هابيل رثاه آدم وهو سُرياني، فهي مرثية بلسان السُّريانية أوصى بها إلى ابنه شيث وقال : إنك وصيي فاحفظ مني هذا الكلام ليُتَوارث ؛ فحفظت منه إلى زمان يَعْرُب بن قحطان، فترجم عنه يَعْربُ بالعربية وجعله شعراً.


الصفحة التالية
Icon