ذهب أكثر المفسرين كما قال الطبرسي، وعليه جملة الفقهاء إلى أنها نزلت في قطاع الطريق، والكلام كما قال الجصاص على حذف مضاف أي يحاربون أولياء الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام فهو كقوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ ﴾ [ الأحزاب : ٥٧ ] ويدل على ذلك أنهم لو حاربوا رسول الله ﷺ لكانوا مرتدين بإظهار محاربته ومخالفته عليه الصلاة والسلام، وقيل : المراد يحاربون رسول الله ﷺ، وذكر الله تعالى للتمهيد والتنبيه على رفعة محله عليه الصلاة والسلام عنده عز وجل، ومحاربة أهل شريعته وسالكي طريقته من المسلمين محاربة له ﷺ فيعم الحكم من يحاربهم بعد الرسول عليه الصلاة والسلام ولو بأعصار كثيرة بطريق العبارة لا بطريق الدلالة أو القياس كما يتوهم، لأن ورود النص ليس بطريق خطاب المشافهة حتى يختص بالمكلفين حين النزول ويحتاج في تعميمه إلى دليل آخر على ما تحقق في الأصول، وقيل : ليس هناك مضاف محذوف وإنما المراد محاربة المسلمين إلا أنه جعل محاربتهم محاربة الله عز وجل ورسوله ﷺ تعظيماً له وترفيعاً لشأنهم، وجعل ذكر الرسول على هذا تمهيداً على تمهيد، وفيه ما لا يخفى، والحرب في الأصل السلب والأخذ، يقال : حربه إذا سلبه، والمراد به ههنا قطع الطريق ؛ وقيل : الهجوم جهرة بالصوصية وإن كان في مصر ﴿ وَيَسْعَوْنَ ﴾ عطف على يحاربون، وبه يتعلق قوله تعالى :﴿ فِى الأرض ﴾، وقيل : بقوله سبحانه :﴿ فَسَاداً ﴾ وهو إما حال من فاعل ﴿ يَسْعَوْنَ ﴾ بتأويله بمفسدين.
أو ذوي فساد.


الصفحة التالية
Icon