وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة، كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو أسامة، عن مجاهد عن الشعبي قال : كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة، وكان قد أفسد في الأرض وحارب، فكلم رجالا من قريش منهم : الحسن بن علي، وابن عباس، وعبد الله بن جعفر، فكلموا عليًا، فلم يؤمنه. فأتى سعيد بن قيس الهمداني فخلفه في داره، ثم أتى عليًا فقال : يا أمير المؤمنين، أرأيت من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادًا، فقرأ حتى بلغ :﴿ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾ قال : فكتب له أمانًا. قال سعيد بن قيس : فإنه حارثة بن بدر.
وكذا رواه ابن جرير من غير وجه، عن مجاهد عن الشعبي، به. وزاد : فقال حارثة بن بدر :
ألا أبلغَن هَمْدان إمَّا لقيتَها... عَلى النَّأي لا يَسْلمْ عَدو يعيبُها...
لَعَمْرُ أبِيها إنَّ هَمْدان تَتَّقِي الـ... إلَه ويَقْضي بالكتاب خَطيبُها
وروى ابن جرير من طريق سفيان الثوري، عن السُّدِّي - ومن طريق أشعث، كلاهما عن عامر الشعبي قال : جاء رجل من مَراد إلى أبي موسى، وهو على الكوفة في إمارة عثمان، رضي الله عنه، بعدما صلى المكتوبة فقال : يا أبا موسى، هذا مقام العائذ بك، أنا فلان بن فلان المرادي، وإني كنت حاربت الله ورسوله وسعيت في الأرض فسادًا، وإني تبت من قبل أن يُقْدر عليَّ. فقام أبو موسى فقال : إن هذا فلان بن فلان، وإنه كان حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادًا، وإنه تاب من قبل أن يُقْدَرَ عليه، فمن لقيه فلا يعرض له إلا بخير، فإن يك صادقا فسبيل من صدق، وإن يك كاذبًا تدركه ذنوبه، فأقام الرجل ما شاء الله، ثم إنه خرج فأدركه الله تعالى بذنوبه فقتله.


الصفحة التالية
Icon