ويختلف الفقهاء اختلافاً واسعاً حول هذا النص : إن كان للإمام الخيار في هذه العقوبات، أم أن هناك عقوبة معينة لكل جريمة تقع من الخارجين.
" ويرى الفقهاء في مذهب أبى حنيفة والشافعي وأحمد أن العقوبات مرتبة على حسب الجناية التي وقعت. فمن قتل ولم يأخذ مالاً قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قطع، ومن قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن أخاف السبيل ولكنه لم يقتل ولم يأخذ مالاً نفي :
" وعند مالك أن المحارب إذا قتل فلا بد من قتله وليس للإمام تخيير في قطعه ولا في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه، وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف. وأما إذا أخاف السبيل فقط، فالإمام مخير في قتله أو صلبه أو قطعة أو نفيه.. ومعنى التخيير عند مالك أن الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام. فإن كان المحارب ممن له الرأي والتدبير فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه، لأن القطع لا يدفع ضرره. وإن كان لا رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلاف. وإن كان ليس له شيء من هاتين الصفتين أخذ بأيسر ذلك وهو النفي والتعزير ".
ونحن نختار رأي الإمام مالك في الفقرة الأخيرة منه، وهي أن العقوبة قد توقع على مجرد الخروج وإخافة السبيل. لأن هذا إجراء وقائي المقصود منه أولاً منع وقوع الجريمة، والتغليظ على المفسدين في الأرض الذين يروعون دار الإسلام ؛ ويفزعون الجماعة المسلمة القائمة على شريعة الله في هذه الدار. وهي أجدر جماعة وأجدر دار بالأمن والطمأنينة والسلام.


الصفحة التالية
Icon