فإذ كان ذلك كذلك وكان المعنى الذي به باين الفاضل المفضول في ذلك فصار به فاضلا والآخر مفضولا هو ما وصفنا من فضل إبانة ذي البيان عما قصر عنه المستعجم اللسان وكان ذلك مختلف الأقدار متفاوت الغايات والنهايات فلا شك أن أعلى منازل البيان درجة وأسنى مراتبه مرتبة أبلغه في حاجة المبين عن نفسه وأبينه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه فإن تجاوز ذلك المقدار وارتفع عن وسع الأنام وعجز عن أن يأتي جميع العباد كان حجة وعلما لرسل الواحد القهار كما كان حجة وعلما لها إحياء الموتى وإبراء الأبرص وذوي العمى بارتفاع ذلك عن مقادير أعلى منازل طب المتطببين وأرفع مراتب علاج المعالجين إلى ما يعجز عنه جميع العالمين وكالذي كان لها حجة وعلما قطع مسافة شهرين في الليلة الواحدة بارتفاع ذلك عن وسع الأنام وتعذر مثله على جميع العباد وإن كانوا على قطع القليل من المسافة قادرين ولليسير منه فاعلين


الصفحة التالية
Icon