وبيانُهُ : أنَّك إذا قلت :" يُعْجِبُني قيام زَيْد وعَمْراً "، جعلت " عمراً " مفعُولاً معه، والعامِلُ فيه " يُعْجُبني " [ لزم ] من ذلك أن " عَمْراً " لم يَقُمْ، وأعجبك القِيَامُ وعمرو.
وإن جَعَلْتَ العامل فيه القِيَام : كان عمرو قَائِماً، وكان الإعْجَاب قد تعلَّق بالقيام مصاحباً لقيام عَمْرو.
فإن قلت : هلاّ كان " ومِثْلَهُ مَعَهُ " مفعولاً معه، والعامِلُ فيه هو العَامِلُ في " لَهُمْ " ؛ إذ المَعْنَى عليه؟.
قلت : لا يَصِحُّ ذلك لِمَا ذكرْنَاه من وجود " مَعَهُ " في الجُمْلَة، وعلى تقديرِ سُقُوطِهَا لا يصحُّ ؛ لأنَّهُم نَصُّوا على أنَّ قولك :" هَذَا لَكَ وأبَاك " ممنوع في الاختيار.
قال سيبويْه : وأما " هَذَا لَكَ وأبَاك " فَقَبيحٌ ؛ لأنَّه لم يذكر فِعْلاً ولا حَرْفاً فيه معنى فعل حتى يَصِير كأنَّه قد تكلَّم بالفعل، فأفْصَح سيبويه بأن اسْم الإشَارَة وحرف الجر المتضمن [ المعنى الاستقرار لا يعملان في المفعول معه وقد أجاز بعض النحويين في حرف الجر والظرف أن يعملا ] نحو " هذا لك وأباك ".
فقوله :" وأبَاكَ " يكون مفعُولاً مَعَهُ، والعَامِلُ الاستِقْرَار في " لَكَ ".
انتهى.
ومع هذا الاعتراض الذي ذكره، فقد يَظْهر عنه جوابٌ، وهو أنَّا نقول : نختار أن يكون الضَّمِير في قوله :" مَعَهُ " عائداً على " مِثْله " ويَصِيرُ المعنى : مع مِثْلَين، وهو أبْلَغُ من أن يكون مع مِثْل واحد.
وقوله :" تَرْكِيبٌ عَيِيٌّ " فَهْم قَاصِرُ، ولا بُدَّ من جُمْلَةٍ محذُوفَة قَبْل قوله :﴿ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ﴾ تقديره : وَبذَلُوه، أو وافْتَدُوا به، ليصِحَّ التَّرْتيب المذكُور ؛ إذ لا يترتَّب على اسْتِقْرَار ما فِي الأرْض جَمِيعاً ومثله معه لهم عدم التَّقبُّل، إنما يترتَّب عدم التَّقَبُّل على البَذلِ والافْتِدَاء والعامَّة على " تُقُبِّل " مبنياً [ للمفعول حذف فاعله لعظمته وللعلم به.