عذَاباً دائماً لكم مُقيما. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار ﴾
استئناف مسوق لبيان حالهم في أثناء مكابدة العذاب مبني على سؤال نشأ مما قبله، كأنه قيل : فكيف يكون حالهم، أو ماذا يصنعون؟ فقيل :﴿ يُرِيدُونَ ﴾ الخ، وقد بين في تضاعيفه أن عذابهم عذاب النار، والإرادة قيل : على معناها الحقيقي المشهور، وذلك أنهم يرفعم لهب النار فيريدون الخروج وأنى به، وروي ذلك عن الحسن، وقال الجبائي : الإرادة بمعنى التمني أي يتمنون ذلك.
وقيل : المعنى يكادون يخرجون منها لقوتها وزيادة رفعها إياهم، وهذا كقوله تعالى :﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ﴾ [ الكهف : ٧٧ ] أي يكاد ويقارب، لا يقال : كيف يجوز أن يريدوا الخروج من النار مع علمهم بالخلود؟ لأنا نقول : الهول يومئذ ينسيهم ذلك، وعلى تقدير عدم النسيان يقال : العلم بعدم حصول الشيء لا يصرف عن إرادته كما أن العلم بالحصول كذلك، فإن الداعي إلى الإرادة حسن الشيء والحاجة إليه.
﴿ وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا ﴾ إما حال من فاعل ﴿ يُرِيدُونَ ﴾ أو اعتراض، وأياً مّا كان فإيثار الجملة الاسمية على الفعلية مصدرة بما الحجازية الدالة بما في حيزها من الباء على تأكيد النفي لبيان كمال سوء حالهم باستمرار عدم خروجهم منها، فإن الجملة الاسمية الإيجابية كما مرت الإشارة إليه كما تفيد بمعونة المقام دوام الثبوت، تفيد السلبية أيضاً بمعونة دوام النفي لا نفي الدوام، وقرأ أبو واقد ﴿ أَن يَخْرُجُواْ ﴾ بالبناء لما لم يسم فاعله من الإخراج، ويشهد لقراءة الجمهور قوله تعالى :﴿ بخارجين ﴾ دون بمخرجين، وهذه الآية كما ترى في حق الكفار، فلا تنافي القول بالشفاعة لعصاة المؤمنين في الخروج منها كما لا يخفى على من له أدنى إيمان.