وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ﴾ في التوبة ها هنا قولان :
أحدهما : أنها كالتوبة من سائر المعاصي والندم على ما مضى والعزم على ترك المعاودة.
والثاني : أنها الحد، وهو قول مجاهد.
وقد روى عبد الله بن عمرو قال : سرقت امرأة حلياً فجاء الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله سرقتنا هذه المرأة، فقال رسول الله ﷺ :" اقْطَعُوا يَدَهَا الْيُمْنَى " فقالت المرأة : هل لي من توبة؟ فقال رسول الله ﷺ :" أَنْتِ الْيَوْمَ مِنْ خَطِيئَتِكِ كَيَوْمِ وَلَدَتْكِ أُمُّكِ " فأنزل الله تعالى :﴿ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ﴾. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
المعنى عند جمهور أهل العلم أن من ﴿ تاب ﴾ من السرقة فندم على ما مضى وأقلع في المستأنف وأصلح برد الظلامة إن أمكنه إن أمكنه ذلك وإلا فبإنفاقها في سبيل الله ﴿ وأصلح ﴾ أيضاً في سائر أعماله وارتفع إلى فوق ﴿ فإن الله يتوب عليه ﴾ ويذهب عنه حكم السرقة فيما بينه وبين الله تعالى، وهو في المشيئة مرجو له الوعد وليس تسقط عنه التوبة حكم الدنيا من القطع إن اعترف أو شهد عليه وقال مجاهد : التوبة والإصلاح هي أن يقام عليه الحد.
قال القاضي أبو محمد : وهذا تشديد وقد جعل الله للخروج من الذنوب بابين أحدهما الحد والآخر التوبة، وقال الشافعي : إذا تاب السارق قبل أن يتلبس الحاكم بأخذه فتوبته ترفع عنه حكم القطع قياساً على توبة المحارب. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ فمن تاب من بعد ظلمه ﴾ يعني من بعد ما ظلم نفسه بالسرقة ﴿ وأصلح ﴾ يعني وأصلح العمل في المستقبل ﴿ فإن الله يتوب عليه ﴾ يعني فإن الله يغفر له ويتجاوز عنه ﴿ إن الله غفور ﴾ يعني لمن تاب ﴿ رحيم ﴾ به.
( فصل )