الأول : أنه تعالى لما أوجب في الآية المتقدمة قطع الأيد والأرجل عند أخذ المال على سبيل المحاربة، بيّن في هذه الآية أن أخذ المال على سبيل السرقة يوجب قطع الأيدي والأرجل أيضاً، والثاني : أنه لما ذكر تعظيم أمر القتل حيث قال :﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً وَمَنْ أحياها فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ [ المائدة : ٣٢ ] ذكر بعد هذا الجنايات التي تبيح القتل والإيلام، فذكر أولاً : قطع الطريق، وثانياً : أمر السرقة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٧٦﴾

فصل


قال الفخر :
اختلف النحويون في الرفع في قوله ﴿والسارق والسارقة﴾ على وجوه :
الأول : وهو قول سيبويه والأخفش : أن قوله ﴿والسارق والسارقة﴾ مرفوعان بالابتداء، والخبر محذوف والتقدير : فيما يتلى عليكم السارق والسارقة، أي حكمهما كذا، وكذا القول في قوله ﴿والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما﴾ [ النور : ٢ ] وفي قوله ﴿واللذان يأتيانها مِنكُمْ فَئَاذُوهُمَا﴾ [ النساء : ١٦ ] وقرأ عيسى بن عمر ﴿والسارق والسارقة﴾ بالنصب، ومثله ﴿الزانية والزانى﴾ والاختيار عند سيبويه النصب في هذا.
قال لأن قول القائل : زيداً فاضربه أحسن من قولك : زيد فاضربه، وأيضاً لا يجوز أن يكون ﴿فاطعوا﴾ خبر المبتدأ، لأن خبر المبتدأ لا يدخل عليه الفاء.
والقول الثاني : وهو اختيار الفراء : أن الرفع أولى من النصب، لأن الألف واللام في قوله ﴿والسارق والسارقة﴾ يقومان مقام "الذي" فصار التقدير : الذي سرق فاقطعوا يده، وعلى هذا التقدير حسن إدخال حرف الفاء على الخبر لأنه صار جزاء، وأيضاً النصب إنما يحسن إذا أردت سارقاً بعينه أو سارقة بعينها، فأما إذا أردت توجيه هذا الجزاء على كل من أتى بهذا الفعل فالرفع أولى، وهذا القول اختاره الزجاج وهو المعتمد.


الصفحة التالية
Icon