وأقول : فيه وجه آخر يبطل قولهم، وذلك لأنه تعالى ذكر أولاً قوله ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السموات والارض﴾ ثم رتب عليه قوله ﴿يُعَذّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء﴾ وهذا يدل على أنه إنما حسن منه التعذيب تارة، والمغفرة أخرى، لأنه مالك الخلق وربهم وإلههم، وهذا هو مذهب أصحابنا فإنهم يقولون : إنه تعالى يحسن منه كل ما يشاء ويريد لأجل كونه مالكاً لجميع المحدثات، والمالك له أنه يتصرف في ملكه كيف شاء وأراد : أما المعتزلة فإنهم يقولون : حسن هذه الأفعال من الله تعالى ليس لأجل كونه إلها للخلق ومالكاً لهم، بل لأجل رعاية المصالح والمفاسد، وذلك يبطله صريح هذه الآية كما قررناه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٣﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ الآية.
خطاب للنبي ﷺ وغيره ؛ أي لا قرابة بين الله تعالى وبين أحد توجب المحاباة حتى يقول قائل : نحن أبناء الله وأحباؤه، والحدود تقام على كل من يقارف موجب الحدّ.
وقيل : أي له أن يحكم بما يريد ؛ فلهذا فرّق بين المحارب وبين السارق غير المحارب.
وقد تقدّم نظائر هذه الآية والكلام فيها فلا معنى لإعادتها والله الموفق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon