قوله تعالى ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بَيْنَهُم بالقسط إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ﴾
قال الفخر :
أي فاحكم بينهم بالعدل والاحتياط كما حكمت بالرجم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بَيْنَهُمْ بالقسط ﴾ روى النسائي عن ابن عباس قال كان قُرَيْظة والنَّضير، وكان النَّضير أشرف من قُرَيظة وكان إذا قتل رجل من قُرَيظة رجلاً من النَّضير قُتِل به، وإذا قَتل رجل من النِّضير رجلاً من قُرَيظة ودي مائة وسقٍ من تَمر ؛ فلما بُعث رسول الله ﷺ قَتَل رجل من النَّضير رجلاً من قُرَيظة فقالوا : ادفعوه إلينا لنقتله ؛ فقالوا : بيننا وبينكم النبي ﷺ فنزلت :﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بَيْنَهُمْ بالقسط ﴾ النفس بالنفس، ونزلت ﴿ أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ ﴾ [ المائدة : ٥٠ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بَيْنَهُم بالقسط ﴾ أي بالعدل الذي أمرت به، وهو ما تضمنه القرآن واشتملت عليه شريعة الإسلام، وما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه من أنه قال : لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم إن صح يراد منه لازم المعنى ﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ﴾ أي العادلين فيحفظهم عن كل مكروه ويعظم شأنهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وإنْ حكمتَ فاحكم بينهم بالقسط ﴾ أي بالعدل.
والعدل : الحكم الموافق لشريعة الإسلام.
وهذا يحتمل أنّ الله نهى رسوله عن أن يحكم بينهم بما في التّوراة لأنّها شريعة منسوخة بالإسلام.
وهذا الّذي رواه مالك.
وعلى هذا فالقصّة الّتي حكّموا فيها رسول الله لم يحكم فيها الرسول على الزانيين ولكنّه قَصَر حكمه على أن بيّن لليهود حقيقة شرعهم في التّوراة، فاتّضح بطلان ما كانوا يحكمون به لعدم موافقته شرعهم ولا شرْع الإسلام ؛ فهو حُكم على اليهود بأنّهم كتموا.