قال الفخر :
احتج جماعة من الحنفية بهذه الآية على أن حكم التوراة وشرائع من قبلنا لازم علينا ما لم ينسخ وهو ضعيف، ولو كان كذلك لكان حكم التوراة كحكم القرآن في وجوب طلب الحكم منه، لكن الشرع نهى عن النظر فيها.
بل المراد هذا الأمر الخاص وهو الرجم ؛ لأنهم طلبوا الرخصة بالتحكيم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾
قوله تعالى ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلك وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين﴾
قال الفخر :
قوله ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ﴾ معطوف على قوله ﴿يُحَكّمُونَكَ﴾ وقوله ﴿ذلك﴾ إشارة إلى حكم الله الذي في التوراة، ويجوز أن يعود إلى التحكيم.
وقوله ﴿وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين﴾ فيه وجوه :
الأول : أي وما هم بالمؤمنين بالتوراة وإن كانوا يظهرون الإيمان بها،
والثاني : ما أولئك بالمؤمنين : إخبار بأنهم لا يؤمنون أبداً وهو خبر عن المستأنف لا عن الماضي.
الثالث : أنهم وإن طلبوا الحكم منك فما هم بمؤمنين بك ولا بمعتقدين في صحة حكمك، وذلك يدل على أنه لا إيمان لهم بشيء وأن كل مقصودهم تحصيل مصالح الدنيا فقط. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٨﴾
وقال الآلوسى :
﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ ﴾ عطف على ﴿ يُحَكّمُونَكَ ﴾ داخل في حكم التعجيب لأن التحكيم مع وجود ما فيه الحق المغني عن التحكيم، وإن كان محلاً للتعجب والاستبعاد لكن مع الإعراض عن ذلك أعجب، و﴿ ثُمَّ ﴾ للتراخي في الرتبة، وجوز الأجهوري كون الجملة مستأنفة غير داخلة في حكم التعجيب أي ثم هم يتولون أي عادتهم فيما إذا وضح لهم الحق أن يعرضوا ويتولوا، والأول أولى.


الصفحة التالية