ولا تَعارُض في شيء من هذا كله، وهي كلها قصة واحدة، وقد ساقها أبو داود من حديث أبي هريرة سياقة حسنة فقال :" زنى رجل من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه نبي بعث بالتخفيفات، فإن أفتى بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله، وقلنا فتيا نبي من أنبيائك ؛ قال : فأتوا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد في أصحابه ؛ فقالوا : يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمهم النبي ﷺ حتى أتى بيت مِدْرَاسهم، فقام على الباب، فقال :"أَنْشُدْكُمْ بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن" فقالوا : يُحَمَّم وجهه ويُجبَّه ويُجْلد، والتَّجْبِية أن يُحمل الزانيان على حمار وتُقابَل أقفيتُهما ويطاف بهما ؛ قال : وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي ﷺ سكت أَلَظَّ به النَّشْدَة ؛ فقال : اللهم إذ نَشَدْتنا فإنا نجد في التوراة الرّجم.
وساق الحديث إلى أن قال قال النبيّ ﷺ :"فإني أحكم بما في التوراة" فأَمَر بهما فرُجِما ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى خاطب محمداً ﷺ بقوله : يا أيها النبي في مواضع كثيرة، وما خاطبه بقوله : يا أيها الرسول إلا في موضعين : أحدهما : ههنا، والثاني : قوله :﴿يا أيها الرسول بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ﴾ [ المائدة : ٦٧ ] وهذا الخطاب لا شك أنه خطاب تشريف وتعظيم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٣ ـ ١٨٤﴾
فصل
قال الفخر :
قرىء ﴿لاَ يَحْزُنكَ﴾ بضم الياء، ويسرعون، والمعنى لا تهتم ولا تبال بمسارعة المنافقين في الكفر وذلك بسبب احتيالهم في استخراج وجوه الكيد والمكر في حق المسلمين وفي مبالغتهم في موالاة المشركين فإني ناصرك عليهم وكافيك شرهم.