يقال : أسرع فيه الشيب وأسرع فيه الفساد بمعنى وقع فيه سريعاً، فكذلك مسارعتهم في الكفر عبارة عن إلقائهم أنفسهم فيه على أسرع الوجوه متى وجدوا فيه فرصة، وقوله ﴿مِنَ الذين قَالُواْ ءامَنَّا بأفواههم وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ فيه تقديم وتأخير، والتقدير : من الذين قالوا بأفواههم آمنا ولم تؤمن قلوبهم ولا شك أن هؤلاء هم المنافقون. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٤﴾
قال القرطبى :
المعنى في الآية تأنيسٌ للنبي ﷺ : أي لا يحزنك مسارعتهم إلى الكفر، فإن الله قد وعدك النصر عليهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَمِنَ الذين هِادُواْ سماعون لِلْكَذِبِ سماعون لِقَوْمٍ ءاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾
فصل
قال الفخر :
ذكر الفرّاء والزجاج ههنا وجهين : الأول : أن الكلام إنما يتم عند قوله ﴿وَمِنَ الذين هِادُواْ﴾ ثم يبتدأ الكلام منقوله ﴿سماعون لِلْكَذِبِ سماعون لِقَوْمٍ ءاخَرِينَ﴾ وتقدير الكلام : لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من المنافقين ومن اليهود، ثم بعد ذلك وصف الكل بكونهم سماعين لقوم آخرين.
الوجه الثاني : أن الكلام تمّ عند قوله ﴿وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ ثم ابتدأ من قوله ﴿وَمِنَ الذين هِادُواْ سماعون لِلْكَذِبِ﴾ وعلى هذا التقدير فقوله ﴿سماعون﴾ صفة محذوف، والتقدير : ومن الذين هادوا قوم سماعون.
وقيل : خبر مبتدأ محذوف، يعني هم سماعون. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٨٤﴾
فصل
قال الفخر :
ذكر الزجاج في قوله ﴿سماعون لِلْكَذِبِ﴾ وجهين : الأول : أن معناه قابلون للكذب، والسمع يستعمل ويراد منه القبول، كما يقال : لا تسمع من فلان أي لا تقبل منه، ومنه "سمع الله لمن حمده"، وذلك الكذب الذي يقبلونه هو ما يقوله رؤساؤهم من الأكاذيب في دين الله تعالى في تحريف التوراة، وفي الطعن في محمد صلى الله عليه وسلم.