لأنه كشف عورة أخته، يكون إثمهما في رؤوسهما، لا تكشفن عورة عمتك ولا خالتك! لأنهما قرابتك، ومن فعل ذلك يعاقب بإثم فضيحته، والرجل الذي يأتي امرأة عمه قد كشف عورة عمه يعاقبان بخطيئتهما ويموتان، والرجل الذي يتزوج امرأة أخيه قد ارتكب إثماً، لأنه كشف عورة أخيه يموتان، بل وصرح برجم البكر فقال في السفر الخامس فيمن تزوج بكراً فادعى أنه وجدها ثيباً : فإن كان قذفه إياها حقاً ولم يجدها عذراء تخرج الجارية إلى بيت أبيها، ويرجمهاه أهل القرية بالحجارة وتموت، لأنها ارتكبت حوباً بين يدي بني إسرائيل وزنت في بيت أبيها، نحوّا الشر عنكم، وإن وجد رجل يسفح بامرأة رجل يقتلان كلاهما : الرجل والمرأة، بل صرح برجم البكر المكرهة فقال عقب ما تقدم : وإن كان لرجل خطيبة بكر لم يبتن بها بعد، فخرجت خارجاً فظفر بها رجل وقهرها وضاجعها، يخرجان جميعاً ويرجمان حتى يموتا، وإنما تقتل الجارية مع الرجل لأنها لم تصرخ ولم تستغث - انتهى.
فالأحاديث المفيدة بالإحصان في هذه القصة ينبغي أن تكون مرجوحة، لأن رواتها ظنوا أن الجادة الإسلامية شرع لهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٥٩ ـ ٤٦٤﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أن هذا تنبيه من الله تعالى لليهود المنكرين لوجوب الرجم، وترغيب لهم في أن يكونوا كمتقدميهم من مسلمي أحبارهم والأنبياء المبعوثين إليهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣﴾
وقال ابن عاشور :
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾
لمّا وصف التّوراة بأنّ فيها حكم الله استأنف ثناء عليها وعلى الحاكمين بها.
ووصفها بالنزول ليدلّ على أنّها وحي من الله، فاستعير النّزول لبلوغ الوحي لأنّه بلوغ شيءٍ من لدن عظيم، والعظيم يتخيّل عَالياً، كما تقدّم غير مرّة.
والنّور استعارة للبيان والحقّ، ولذلك عطف على الهُدى، فأحكامها هادية وواضحة، والظرفية.
حقيقية، والهدى والنّور دلائلهما.