فنظر إلى الجمع مضطربين، فقال لهم : اخرجوا، لم تمت الجارية لكنها نائمة، فضحكوا منه، فلما خرج الجمع دخل وأمسك يدها فقامت الجارية ؛ وقال مرقس : وأخرج جميعهم وأخذ معه أبا الصبية وأمها والذين معه، ثم دخل إلى الموضع الذي فيه الصبية موضوعة، وأخذ بيدها وقال لها : طليثا! قومي، الذي تأويله : يا صبية! لك أقول : قومي، فللوقت قامت الصبية ومشت، وكان لها اثنتا عشرة سنة، فبهتوا وعجبوا عجباً عظيماً، فأمرهم كثيراً أن لا يُعْلِموا أحداً بهذا، وقال : أطعموها تأكل ؛ وقال متى : وخرج خبرها في جميع تلك الأرض. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٦٦ ـ ٤٧٣﴾
فصل
قال الآلوسى :
﴿ وَقَفَّيْنَا على ءاثارهم ﴾ شروع في بيان أحكام الإنجيل كما قيل إثر بيان أحكام التوراة، وهو عطف على ﴿ أَنزَلْنَا التوراة ﴾ [ المائدة : ٤٤ ] وضمير الجمع المجرور للنبيين الذين أسلموا كما قاله أكثر المفسرين، واختاره علي بن عيسى والبلخي، وقيل : للذين فرض عليهم الحكم الذي مضى ذكره، وحكي ذلك عن الجبائي وليس بالمختار والتقفية الاتباع، ويقال : قفا فلان إثر فلان إذا تبعه، وقفيته بفلان إذا أتبعته إياه، والتقدير هنا أتبعناهم على آثارهم ﴿ بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ ﴾ فالفعل كما قيل : متعد لمفعولين أحدهما بنفسه والآخر بالباء، والمفعول الأول محذوف، و﴿ على ءاثارهم ﴾ كالساد مسده لأنه إذا قفا به على آثارهم فقد قفاهم به، واعترض بأن الفعل قبل التضعيف كان متعدياً إلى واحد، وتعدية المتعدي إلى واحد لثان بالباء لا تجوز سواء كان بالهمزة أو التضعيف، ورد بأن الصواب أنه جائز لكنه قليل، وقد جاء منه ألفاظ قالوا : صك الحجر الحجر، وصككت الحجر بالحجر، ودفع زيد عمراً ودفعت زيداً بعمرو أن جعلته دافعاً له.