أما الخاصة الثانية - فهى أنه مشتمل على نور مرشد موجه هاد، فإذا كانت الخاصة الأولى مقررة لأمر ثابت قد وقع، فالخاصة الثانية مثبتة لأمر اخر يتعلق بالمستقبل، وهو أنه يضىء وينير لتمييز الحق من الباطل، وبين ما جاءت به رسالة المسيح من دعوة البشر إلى الخير وإلى صراط مستقيم فالإنجيل بإضافة هذه الخاصة إلى سابقتها يكون مشتملا على أمرين : أولهما - تقرير للحقيقة الثابتة الخالدة، وهى وحدانية الله تعالى فى الإنشاء والتكوين، والذات والعبادة. وثانيهما - أنه مرشد إلى مكارم الأخلاق ومنير العقول لإدراك المستقبل، ويدخل فى ذلك بشارته بالنبي ﷺ وهو " البارقليط " كما جاء فى نسخة متى، وكما قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام :(... ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد... الصف.
والخاصة الثالثة - وهى وصف لذات الإنجيل، وقد ذكرها سبحانه بقوله تعالى :(مصدقا لما بين يديه من التوراة. أى أن الإنجيل قد كان بذاته مصدقا للتوراة من حيث صدق نسبتها إلى الله تعالى قبل تحريفها، وقبل أن ينسوا حظا منها. ولا تكرار فى وصف التصديق، لأن ما ذكر أولا كان وصفا لعيسى - عليه السلام - إذ قال سبحانه :(وقفينا على اتارهم بعيسى ابن مريم مصدقا. وأما ما ذكر هنا فهو وصف للإنجيل نفسه، وكأن التصديق من جانب عيسى - عليه السلام - للتوراة جاء من ناحيتين، من عيسى، ومن الإنجيل ذاته، وتلاقى التصديقين يفيد إقرار أكثر أحكام التوراة الاجتماعية والقانونية، ويفيد أن رسالة الرسل متصلة موصولة، حتى يختمها محمد رسول الله، فهو خاتم النبيين، وآخر لبنة فى صرح الرسالات الإلهية.
والخاصة الرابعة - وهى من صفاته الذاتية أنه هو ذاته هدى، وسبب وصفه


الصفحة التالية
Icon