ذاته، وبذلك يكون حكم النبى - عليه الصلاة والسلام - قد تأيد بأمرين : أحدهما - أنه الحق فى ذاته الذى لا مرية فى أنه العدل والأمر الثابت الذى لا تجوز مخالفته فى ذاته، ثانيهما - أنه جاء من عند الله الذى لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الارض ولا فى السماء، وهو بكل شىء عليم.
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) الخطاب لليهود والنصارى والمسلمين وغيرهم من الذين أوتوا كتابا نزل بشريعة من عند الله تعالى، ويكون فى الكلام التفات، فقد كان الخطاب للنبى ( ﷺ ) والمتحدث عنهم أولئك الذين اتبعوا وحرفوا الكلم عن مواضعه، والمعنى على هذا لكل نبى من الأنبياء السابقين شرعة يسير نحوها، ويتجه إليها، ومنهاح واضح بين يسير فى طريقه، ولا يلتوى عنه، ولا يخرج منه، فإن ما عداه متاهات لا يلتفت إليها، والذين يعاصرونه هم الذين يخاطبون بشرعته، ويسيرون فى منهاجه، فالذين نزل فيهم القرآن مخاطبون بما جاء فى القرآن، وشرعته ومنهاجه لهم ؟ لأن شرعة الأنبياء السابقين ومنهاجهم قد انتهيا بمبعث محمد( ﷺ ) وبقى من شرائعهم ما يقره القرآن، وما جاء النص بإقراره.
وتفسير الشرعة قد اتفق الفقهاء على أن المراد بها الشريعة، وهى ما جاء من أحكام تكليفية يجب العمل بها أمرا ونهيا وندبا وإباحة، والمنهاج على هذا هو الطريق الواضح لتنفيذها، وبيان مجملها، وتفصيل أحكامها الجزئية ؟ ولذلك روى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن الشرعة هى النصوص التى فيء فى أصل الكتاب المنزل، والمنهاج هو ما يبينه النبى الذى أنزل عليه الكتاب، وفصل به الأحكام الجزئية.


الصفحة التالية
Icon