ومن فوائد الشيخ الشنقيطى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَآ أَنزَلَ الله فِيه ﴾.
لم يبين هنا شيئاً مما أنزل في الإنجيل الذي أمر أهل الإنجيل بالحكم به، وبين في مواضع أخر أن من ذلك البشارة بمبعث نبينا محمد ﷺ، ووجوب اتباعه. والإيمان به كقوله :﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يابني إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ ﴾ [ الصف : ٦ ]، وقوله تعالى :﴿ الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
لطيفة : لها مناسبة بهذه الآية الكريمة : ذكر بعض العلماء أن نصرانياً قال لعالم من علماء المسلمين : ناظرني في الإسلام والمسيحية أيهما أفضل؟ فقال العالم للنصراني : هلم إلى المناظرة في ذلك، فقال النصراني : المتفق عليه أحق بالاتباع أم المختلف فيه؟ فقال العالم : المتفق عليه أحق بالاتباع من المختلف فيه. فقال النصراني : إذن يلزمكم اتباع عيسى معنا، وترك اتباع محمد ﷺ، لأننا نحن وأنتم نتفق على نبوة عيسى، ونخالفكم في نبوة محمد عليهما الصلاة والسلام، فقال المسلم : أنتم الذين تمتنعون من اتباع المتفق عليه، لأن المتفق عليه الذي هو عيسى قال لكم :﴿ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَد ﴾ [ الصف : ٦ ]، فلو كنتم متبعين عيسى حقاً لاتبعتم محمداً ﷺ، فظهر أنكم أنتم الذين لم تتبعوا المتفق عليه ولا غيره، فانقطع النصراني.
ولا شك أن النصارى لو كانوا متبعين عيسى، لاتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الفاسقون ﴾.